الإجهاض، مفهومه، حالاته، أحكامه


مقدمة

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهـده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اﷲ وحده لا شريك له، وأشـهد أن محمـداﹰ عبـده ورسوله، صلى اﷲ عليه وعلى آله وصحبه ﹼوسلم تسليماﹰ كثيراﹰ.

أما بعد:

لقد شاع الإجهاض وانتشر في مختلف أصقاع العالم سواء الإسلامي أو العربي أو العالمي، وذلـك نتيجـة جملة من الأسباب والعوامل، وفي مقدمتها انهيار القيم الأخلاقية والسلوكية والدينية المتعارف عليهـا، وانتشـار العلاقات الجنسية غير الشرعية حتى وصلت إلى أرقام مذهلة جدﹰا، حيث بلغ عدد حالات الإجهاض القسري التي تمت معرفتها حوالي أربعين مليون حالة سنويا في جميع أنحاء العالم، ولابد أن جزءاﹰ كبيراﹰ منها تم في ظـروف صحية غير مواتية نتج عنها حوالي مائتا ألف وفاة للأمهات، كما نتج عنها عدد هائل من المضـاعفات الصـحية للأمهات كان أغلبها في البلدان النامية وبين الفتيات غير المتزوجات، ولابد أن مثل هذا العدد أو أكثر منه يتم في ظروف غير معروفة أو تجري التغطية عليها وكتمانها لأسباب اجتماعية مختلفة، وبذلك لا يمكن أن تحـيط بهـا الإحصائيات.(١)
وهذا الانحلال الخلقي والسلوكي لا يمكن وصفه إلا بما وصفه رسول اﷲ صلى اﷲ عليه وسلم: حينما قال:
"لا تقوم الساعة حتى يتناكحون في الطرقات كما تتناكح البهائم، فإذا كان ذلك اشتد غضب اﷲ على أهـل الأرض فأقام الساعة".(٢)
وفي حديث آخر قال: "لا تقوم الساعة ... حتى توجد المرأة نهارا جهاراﹰ تنكح وسط الطريق لا ينكر ذلـك أحد، ولا يغيره، فيكون أمثلهم الذي يقول: لو نحيتها عن الطريق قليلاﹰ ...".(٣) لذا كان لزاما دراسة موضوع "الإجهاض، ومفهومه، وحالاته، وأحكامه"، والإحاطة بآراء الفقهاء القـدماء والمعاصرين حتى نصل إلى معرفة شاملة لأحكامه الشرعية.

أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

تتلخص أهمية هذا الموضوع في الأسباب الآتية:
  1. ارتباط الجنين بحياة الإنسان الاجتماعية ولاسيما بالأم، فهو أشد الحالات التصاقاﹰ بحياتها، وذلك منذ تخلقه في أحشائها، ومن ثم كانت الحاجة ملحة إلى معرفة ما هي الحالات التي يجوز إجهاضه ومتى لا يجوز.
  2. أغلب الأبحاث تناولت الجوانب الطبية والقانونية لحالات الإجهاض، فكان من المناسب أن أضع لبنة في هـذا البناء من الجانب الشرعي.
  3. هناك بعض الجوانب دون بعض لم تبحث حالات الإجهاض بحثاﹰ مستوفياﹰ، فأحببت أن استعرض فـي هـذا البحث تجلية لآراء الفقهاء القدماء وربطها مع المعاصرين حتى أصل إلى القول الراجح في المسألة.
  4. معرفة آراء الفقهاء السابقين والمعاصرين في تعريف الإجهاض وربطها بأقوال الأطباء المعاصـرين حتـى نعرف مدى تقارب المدلولات والمفاهيم على اختلاف عباراتهم وألفاظهم.
  5. حاجة الناس عامة، والأطباء والقانونيين وعلماء الشريعة خاصة إلى معرفة حكم الشـريعة الإسـلامية فـي العديد من حالات الإجهاض المختلفة، فهي صمام الأمان لهم من اقترافها، وتطمين لمشاعر القلق والخـوف حتى لا ينحرف هذا العلم عن مطالب الإيمان العليا.
  6. إن الأطباء إذا لم تتوفر لهم الدراسات والبحوث الشرعية المتعلقة بهذا الموضـوع وأمثالـه، فـإنهم حتمـاﹰ سيلجؤون إلى القوانين الوضعية والعرف الطبي السائد، طلباﹰ للخروج من المشكلات التي يعانون منها.
  7. إن تناول هذه البحوث لبيان أحكامها الشرعية، فيها معونة على خدمة الإسلام والمسلمين، وذلك مندوب إليـه شرعاﹰ.
  8. تحقق الفائدة العلمية المرجوة في طرق هذه البحوث والدراسات، نظراﹰ لما يشتمل عليه من مسـائل وقواعـد وأصول يستفيد الباحث من دراستها وبيانها.
  9. رغبتي في تأكيد أن هذه الشريعة الإسلامية الغراء صالحة لكلّ زمان ومكان، وتحقيق ذلك كواقع ملموس من خلال استعراض حالات الإجهاض ومعرفة أحكامها.

منهج البحث:

(١) اعتمد الباحث في إعداد هذه الدراسة على المناهج الاستقرائية والاستنباطية والتحليليـة، مـن خـلال تتبـع النصوص واستنباطها وتحليلها، من أجل الوصول إلى معلومات دقيقة وصحيحة.

الدراسات السابقة:

(٤)
  1. هناك العديد من الدراسات السابقة تناولت حكم الإجهاض قبل نفخ الروح وبعده، تميزت بميزات متعـددة، منها المقارنة بين أقوال المذاهب المختلفة، لكن ما يميز هذا البحث هو أنني أذكر آراء المذهب الواحد وإن اختلفت، ثم أذكر آراء المذاهب الأخرى بنفس الطريقة، مما يعطي للباحث معرفة تامـة بـالثروة الفقهيـة الهائلة في ديننا الحنيف.
  2. لاحظت من خلال استقرائي لما كتبه الباحثون السابقون أن هناك مواضيع أشـبعوها دراسـة وتفصـيلاﹰ، وأخرى لم يألوا فيها جلّ اهتمامهم، فعملت على عدم تكرار ما فصلوه، في حين أوليت اهتمامي لما تـدعو الحاجة إليه مما لم يفصلوا فيه؛ لأصل فيه إلى نتائج يستنبط منها الفقيه والقانوني والطبيب أحكامه وقوانينه والآثار المترتبة على ذلك.

خطة البحث:

قسمت البحث إلى مقدمة، ومطلبين وخاتمة.
أما المقدمة فقد بينت فيها أهمية البحث وأسباب اختياري للموضوع، ومنهجي فيه، والدراسـات السـابقة، وخطـة البحث.
وأما المطلبان فيشتملان على الآتي:
المطلب الأول: مفهوم الإجهاض، وفيه ثلاثة فروع:
الفرع الأول: مفهوم الإجهاض في اللغة.
الفرع الثاني: مفهوم الإجهاض في اصطلاح الفقهاء.
الفرع الثالث: مفهوم الإجهاض في اصطلاح الأطباء.
المطلب الثاني: حالات الإجهاض وأحكامها، وفيه سبع حالات:
الحالة الأولى: أن تكون حياة الأم في خطر محقق من أثر بقاء الحمل.
الحالة الثانية: إجهاض الجنين من أجل المحافظة على جمال المرأة ورشاقتها.
الحالة الثالثة: إجهاض الجنين خشية توقف أو نقصان حليب الأم عن رضيعها.
الحالة الرابعة: إجهاض الجنين خشية الخوف والافتقار من كثرة الأولاد.
الحالة الخامسة: إجهاض الجنين المشوه.
الحالة السادسة: إجهاض الجنين بسبب الخوف من فساد الزمان.
الحالة السابعة: إجهاض الجنين حتى لا يؤدي بقاؤه إلى توليد الحامل بطريقة العملية القيصرية.

المطلب الأول

مفهوم الإجهاض

الفرع الأول

مفهوم الإجهاض في اللغة

تأتي كلمة الإجهاض في اللغة بعدة معان، وهي تدلّ عند تأملها على معنـى واحـد تقريبـاﹰ وإن اختلفـت عبارات علماء اللغة، وهو إلقاء الولد لغير تمام، فمن تلك المعاني:
الإملاص، والإسقاط، والإلقاء، والطرح، والإستلاب، والإزلاق، والرمي، .... .
كلمة الإجهاض مأخوذة من مادة جهض، ويقال: أجهضت الناقة إجهاضاﹰ، وهي مجهض، إذا ألقت ولـدها لغير تمام.(٥)
وفي الصحاح للجوهري:" أجهضت الناقة، إذا أسقطت، فهي مجهض، فإن كان ذلك مـن عادتهـا فهـي مجهاض، والولد مجهض وجهيض".(٦)
وجاء في مقاييس اللغة: الجيم والهاء والضاد أصل واحد، وهو زوال الشيء عن مكانه بسـرعة، يقـال: أجهضنا فلاناﹰ عن الشيء إذا نحيناه عنه، وغلبنا عليه، وأجهضت الناقة ولدها، فهي مجهض. (٧)
وفي القاموس المحيط: " ... ولد السقط، أو ما تم خلقه ونفخ فيه الروح من غير أن يعـيش ...، والناقـة ألقت ولدها وقد نبت وبره، فهي مجهض".(٨)
قال الفيومي: "أجهضت الناقة والمرأة، ولدها إجهاضاﹰ إذا أسقطته ناقص الخلق."(٩)
ومجمع اللغة العربية أقر إطلاق كلمة إجهاض على خروج الجنين قبل الشهر الرابع، وكلمة إسقاط علـى إلقائه ما بين الشهر الرابع والسابع، وهذا اصطلاح متأخر بعد القرن الثالث عشر.(١٠)
ومن خلال ما تقدم يتضح أن كتب المعاجم اللغوية تشير عباراتها إلى جواز استعمال كلمة "إجهاض" فـي المرأة وغيرها، كما تتناول كل ما ألقته المرأة سواء كان ناقص الخلقة أو تام الخلقة ميتا، أو ناقص المدة، وسواء كان الإلقاء أو الطرح من المرأة الحامل أو من غيرها أو كان تلقائياﹰ، ولكن مجمع اللغة العربية فرق بين كلمتـي الإجهاض والإسقاط، فما كان قبل الشهر الرابع أطلق عليه إجهاضا، وما كان بين الشهر الرابع والسابع عبر عنه بالإسقاط، وهذا تمييز بينهما من حيث التوقيت، وأما بعد ذلك فخروج الجنين يسمى ولادة.

الفرع الثاني

مفهوم الإجهاض في اصطلاح الفقهاء

جاء في القاموس الفقهي: "أجهضت الحامل إذا ألقت ولدها لغير تمام، ويقـال: أجهضـت جنينـاﹰ فهـي مجهـض ومجهضة".(١١)
وإذا تأ ملنا أقوال الفقهاء من خلال كتبهم، فإننا نجد أن تعريف الإجهاض لا يتعدى التعريف اللغـوي الـذي سـبق تقريره، إلاﹼ أنهم يعبرون بألفاظ وعبارات مختلفة تدلّ في مجموعها على معنى واحد، فهناك من الفقهاء مـن يطلـق لفـظ "السقط"، ومنهم من يعبر بـ"الإلقاء"، وآخرون يعبرون بـ "الطرح" أو "الإجهاض".
ولكن من خلال التتبع والاستقراء في كتب الفقهاء يلاحظ كثرة استخدامهم لبعض منها بكثرة مثل: "الإسقاط" و"الإلقاء" و"الطرح" و"الاستنزال" ونحوها من الألفاظ، ويظهر هذا جليا من استعراض بعض آرائهم الفقهية الدالة على ذلك، وهي كما يأتي:
أولا : في المذهب الحنفي الذي يعتبر من أقدم المذاهب الفقهية:
جاء في رد المحتار: " ... إباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر ..." (١٢)، وفيه أيضا "وقالوا: يباح إسقاط الولـد قبل أربعة أشهر ...". (١٣)
وفي مجمع الأنهر: "وإن شربت حرة دواء، أو عالجت فرجها لطرح جنينها حتى طرحته، فال ﹸغرة على عاقلتهـا إن فعلت بلا إذن أبيه".(١٤)
وفي بدائع الصنائع: "وأما الجناية على ما هو نفس من وجه دون وجه وهو الجنين، بأن ضرب على بطن حامـل، فألقت جنينا".(١٥)
وقال علاء الدين الحصكفي في الدر المختار: " ... وقالوا: يباح إسقاط الولد قبل أربعة أشهر ولو بـإذن الـزوج"، وعقب عليه ابن عابدين في حاشيته بقوله: قال في "النهر": "يعني هل يباح الإسقاط بعد الحمل؟ ...". (١٦)
وقال ابن عابدين: "لو ألقت مضغة فشهدت ثقات من القوابل أنه مبدأ خلق آدمي، ولو بقى لتصور، فلا ﹸغرة فيه"(١٧)، ونقل ابن عابدين عن كتاب "عقد الفوائد" وهو من كتب الحنفية قال: يباح لها أن تعالج في استنزال الدم ما دام الحمل مضغة أو علقة...".(١٨) فتارةﹰ يعبرون بـ"الإسقاط" وتارةﹰ بـ"الإلقاء"، وتارةﹰ بـ"الاستنزال" ولكن معانيها واحدة.
ثانياﹰ: المذهب المالكي:
جاء في المنتقى نقلا عن الإمام مالك: "وإذا سقط منها ولد مضغة كان أو عظماﹰ..."(١٩)، وجاء فـي المدونـة الكبرى: "ولو أن الوالد ضرب بطن امرأته، فألقت جنيناﹰ..."(٢٠).
وقال الخرشي:"ولا يجوز للمرأة أن تفعل ما يسقط ما في بطنها من الجنين..."(٢١).
وقال مالك: "كلّ ما طرحته من مضغة أو علقة لما يعلم ﹼأنه ولد ففيه الغرة..."(٢٢).
ففي المذهب المال كي تجد أحيانا يستخدمون لفظ "السقط" وأحيانا "الإلقاء" وأحيانا "الطرح"، وهو ما درج عليه غيـر واحد من علماء المالكية.
ثالثاﹰ: المذهب الشافعي:
جاء في كتاب الأم: "وأقلّ ما يكون به السقط جنينا فيه غرة أن يستبين من خلقه شيء...".(٢٣) وقال أيضاﹰ: "... ألا ترى أنَّها لو ألقت كالمضغة، يبين فيها شيء من خلق الإنسان ضمنته".(٢٤) وقال الغزالي: "وليس هذا – أي: العزل – كالإجهاض والوأد، لأن ذلك جناية موجود حاصل..". (٢٥) وقال شهاب الدين القليوبي : ".. نعم يجوز إلقاؤه، ولو بدواء قبل نفخ الروح فيه.."(٢٦).
نجد في مذهب الشافعية تارة يعبرون بالسقط، وتارة بالإلقاء، وتارة بالإجهاض، وهكذا، وكل ذلك يدل على معنـى واحد.
رابعاﹰ: المذهب الحنبلي:
جاء في المغني: "فإن أسقطت ما ليس فيه صورة               آدمي فلا شيء فيه، َّ لأنا لا نعلم أنه جنين، وإن ألقت مضـغة... "
.(٢٧)وقال شمس الدين الحجاوي: " ... وأسقطت ما ليس فيه صورة آدمي أو ألقت مضغة فشهد ثقات من القوابـل أنـه آدمي لو بقي تصور ..." (٢٨).
وقال البهوتي: "وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنينا فعليها غرة، لا ترث منها شيئا لأنها قاتلة لجنينها".(٢٩)
نجد في مذهب الحنابلة تارة يعبرون بالسقط، وأخرى بالإلقاء وهكذا، وكل عبارات فقهاء المذهب تدور حول معنى واحد وإن اختلفت ألفاظهم.
ونخلص مما تقدم من التعريفات الفقهية:
إن التعريف الاصطلاحي للإجهاض عند الفقهاء يتضمن التعريف اللغوي، وهذا مـا أكدتـه "الموسـوعة الفقهيـة الكويتية"، فقد جاء فيها: "ولا يخرج استعمال الفقهاء لكلمة إجهاض عن هذا المعنى، وكثيراﹰ ما يعبـرون عـن الإجهـاض بمرادفاته كالإسقاط والإلقاء والطرح والإملاص".(٣٠)

الفرع الثالث

تعريف الإجهاض في اصطلاح الأطباء

جاء في "موسوعة الحمل والولادة": للدكتورة أحلام القواسمة بأنه: "انقذاف محصول الحمـل قبـل بلـوغ الجنين مرحلة قابلية الحياة".(٣١)
وجاء في المعجم الوجيز: "الإجهاض عند الأطباء": هو خروج الجنين من الرحم قبل نهاية الأسبوع الثامن من الحمل، والإسقاط في الطب: هو إلقاء المرأة جنينها بين الشهر الرابع والسابع".(٣٢)
وعرفه الدكتور: "محمد رفعت" بقوله: "هو خروج الجنين من الرحم قبل أن يستطيع الحياة خارجـه، أي: قبل الشهر السابع القمري من فترة الحمل".(٣٣)
وجاء في "الموسوعة الطبية الفقهية": "الإجهاض": [abortion] : إلقاء الحمل ناقص الخلـق، أو نـاقص المدة، ويسمى أيضاﹰ الإسقاط والطرح والإملاص، فإذا نزل قبل أن يتم "٢٠ أسبوعا" في بطن أمه، أو كان وزنـه أقل من "٥٠٠غ" سمي سقطاﹰ، ولا يكون قابلاﹰ للحياة عادة، أما إذا نزل ما بين "٢٤ – ٣٦ أسبوعا" فيسمى خـديجا"Promature"، ويكون في الغالب قابلاﹰ للحياة، ولكنه يحتاج غالباﹰ لعناية طبية جيدة...". (٣٤)
ونجد أن الأطباء ﹼيتفقون مع فقهاء المذاهب في تعريفاتهم، وإن كان بعضهم يقصـرون الإجهـاض علـى الإجهاض المتعمد.

المطلب الثاني

حالات الإجهاض وأحكامه
هناك حالات يجوز فيها إجهاض الجنين وأخرى لا يجوز فيها، فمثلاﹰ هناك بعض الحالات الخاصة التي قد تحدث للأم أو لجنينها تبرر للبعض إجهاض الجنين، وحتى نحكم على هذه الحالات بدقة نفرز كلّ حالة على حده، ونناقشها بالتفصيل ما أمكن ذلك، وهي كالآتي:
الحالة الأولى: أن تكون حياة الأم في خطر محقق من اثر بقاء الحمل
إن كانت حياة الأم في خطر محقق من أثر بقاء الحمل، فإنني وجدت من خلال كلام الفقهاء المتقدمين أنـه لا يضحى بالفرع وهو الولد مقابل الأصل وهي الأم:
ففي حاشية ابن عابدين تعقيبا على ما جاء في الأصل: "حامل ماتت وولدها يضطرب، شـقﹼ بطنهـا مـن الأيسر ويخرج ولدها ولو بالعكس، وخيف على الأم قطع وأخرج ولو ميتا، وإلا لا".
قال:" وإلاَّ لا، أي لا يجوز تقطيعه، لأن موت الأم به موهوم، فلا يجوز قتل آدمي حي لأمر موهوم".(٣٥) وجاء في كتاب البحر الرائق:" امرأة حامل اعترض الولد في بطنها ولا يمكن إلا بقطعه إرباﹰ، ولو لم يفعل يخاف على أمه من الموت، فإن كان الولد ميتاﹰ في بطن أمه فلا بأس، وإن كان حيا فلا يجوز، لأن إحيـاء نفـس بقتل نفس أخرى لم يرد في الشرع".(٣٦)
وجاء في الفتاوى الخانية: "وإذا اعترض الولد في بطن الحامل ولم يجدوا سبيلا لاستخراج الولد إلا بقطـع الولد إربا إرباﹰ، ولو لم يفعلوا ذلك يخاف هلاك الأم، قالوا: إن كان الولد ميتا في البطن لا بأس به، وإن كان حيـا لم يجز أن يقطع الولد إربا إربا؛ لأنه قتل نفس محترمة لصيانة نفس أخرى من غير تعد منه، وذلك باطل".(٣٧) وفي الفتاوى الهندية: : إن كان حيا لم نر جواز قطع الولد إربا إربا"(٣٨)
وربما يمكن أن يلتمس من كلام ما تقدم من الفقهاء أنهم اعتبروا الخطر المحدق بالأم موهوماﹰ لا محققـاﹰ، بدليل عباراتهم: "لأن موت الأم به موهوم، فإن كان موت الأم به محققاﹰ فأرى بما لا مجال للشك فيه؛ بأنه يضحى بالفرع مقابل إنقاذ حياة الأصل وهي الأم.
وبناء على ما تقدم فإن ترجيح مصلحة الأم أولى من الإبقاء على الجنين، قال الإمام العز بن عبدالسلام: " إذا اجتمعت المفاسد المحضة، فإ ن أمكن درؤها درأنا، وإن تعذر درء الجميع درأنا الأفسد والأرذل...". (٣٩)
وهذا ما أكده الشيخ شلتوت حينما قال: "ولكنهم قالوا:" إذا ثبت من طريق موثوق به أن بقاءه بعـد تحقـق حياته يؤدي لا محالة إلى موت الأم، فإن الشريعة بقواعدها العامة، تأمر بارتكاب أخفﹼ الضررين، فـإن كـان بقاءه يؤدي إلى موت الأم، وكان لا منفذ سوى إسقاطه، كان إسقاطه في تلك الحالة متعيناﹰ، ولا يضحى بهـا فـي سبيل إنقاذه، ﹼلأنها أصله وقد استقرت حياتها، ولها حظﹼ مستقلّ في الحياة، ولها حقوق وعليها حقوق، وهي بعد هذا أو ذاك عماد الأسرة، وليس من المعقول أن يضحى بها في سبيل الحياة لجنين لم تستقلّ حياته، ولم يحصل علـى شيء من الحقوق والواجبات".(٤٠)
وفي هذا السياق أيضا ما أكده الدكتور "فريد واصل" مفتي مصر السابق(٤١) "والعذر المبيح لإسقاط الحمـل شرعا، من أمثلته: الخوف على حياة الأم من بقاء حملها في بطنها، إن قدر أهل الخبرة الطبية أن استمرار الحمل فيه خطر مؤكد من الناحية الطبية على حياة الأم، وأنه لا بديل لاستمرار حياتها ﹼإلا بإسـقاطه، فيجـوز شـرعا التضحية بالحمل لإحياء الأم، وذلك من باب إهدار الفرع في سبيل بقاء الأصل، والمحافظة على استمراره مـن باب التضحية بالجزء في سبيل إبقاء الكلْ، وهذه قاعدة شرعية عامة، رعاها الشارع في كلّ أحكامه، ومنها عـد مقتل الوالد بولده، قصاصاﹰ للحديث: "لا يقاد والد بولده".(٤٢)
ولذلك أرى إن كانت حياة الأم في خطر محقق وليس موهوماﹰ ولا سبيل للحفاظ على حياتها إلا بالإجهاض ولو بعد نفخ الروح، وأصبح متعيناﹰ لا محالة فيه، فهنا تقدم حياة الأم على حياة الجنين وذلك للآتي:-
ول : للقاعدة الشرعية التي تقول "إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما بارتكاب أخفهما"(٤٣)، لأن هذا من باب ارتكاب أهون الشَّرين أو أخفﹼ الضررين أولى من إهمالهما معاﹰ، أو التضحية بما هو أدنـى مرتبـة مـن الآخر.
ثاني: للقاعدة الشرعية التي تقول: الضرر الأشد يزال بالضرر الأخفﹼ. (٤٤)
ثالثـاﹰ: للقاعدة الشرعية التي تقول: "حفظ الموجود أولى من جلب المفقود".(٤٥)
رابعاﹰ: ليس من العقل والمنطق أن يضحى بالأم في سبيل حياة الجنين؛ كون الأم هي الأصل والطفل هو الفـرع، فلا يعقل أن نضحي بالأصل من أجل الفرع، وهو من باب التضحية بالجزء في سبيل بقاء الكل.
خامس: إن الاحتفاظ بالجنين وهو يشكل خطرا حقيقياﹰ على الأم قد يؤدي إلى وفاتهما معا، فتقدم حيـاة الأم علـى حياة الولد.
سادساﹰ: الأم لها واجبات وعليها واجبات، فلا يضحى بها في سبيل الحياة لجنين لم تستقلّ حياته، ولم يحصل على الحقوق مثلما حصلت عليها الأم، وبالمقابل ليس عليه من الواجبات شيء.
سابعاﹰ: لا يهمل المحقق للإبقاء على الموهوم.
الحالة الثانية: إجهاض الجنين من أجل المحافظة على جمال المرأة ورشاقته
تلجأ بعض النسوة إلى عملية إجهاض الأجنَّة من أجل المحافظة على جمالهن ورشاقتهن حتى يديم أزواجهم النظر إليهن والتلذذ بحسنهن ورشاقتهن، دون أن يصبن بالهزال والضعف أو التعب الشديد بسبب أعراض الحمل والولادة.
وهذه الرغبات وأمثالها من النسوة - في نظري - لا ترتقي إلى مرتبة لِما يمكن إباحتـه مـن المصـالح بالنظر الشرعي بحسب دلائل نصوص الشريعة وأحكامها من الضروريات التي تعتبر حفظ النسـل مـن إحـدى مقاصدها وكلياتها الشر              عية(٤٦)، بل ولا تعتبر من الحاجيات التـي تنـزل منزلـة الضـروريات فـي إباحتهـا للمحظورات، إنما تعتبر من التحسينات والتكميليات أو من باب الزينة والفضل، ولا يمكـن أن يراعـى مقصـد تحسيني متمثل في محافظة المرأة على حسنها وجمالها إذا كان في مراعاته إخلال بما هو ضروري كحفظ الجنين وعدم إجهاضه، بل ولا يراعى ما كان زينة وفضلاﹰ إذا كان في مراعاته إخلال لما هو ضروري، قال د. إبراهيم زيد الكيلاني: " إن من أعظم مقاصد الشريعة هو حفظ الحياة الإنسانية، بل إن من مقاصد الشريعة هو إيجاد هـذه الحياة، فغاية الزواج هو النسل الصالح، قال تعالى:
( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وكُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ ولا تُبَاشِرُوهُنَّ وأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [البقرة: ١٨٧]
فالغاية الأولى من الزواج هي النسل، وكذلك فالدعوة إلى الزواج هي من أجل النسل الصالح، ومن بـاب أولى أن تحفظ هذه الحياة من أول درجات تكوينها، وهي نطفة ثم علقة، ثم مضغة، ونرعاها إلى أن تصـل إلـى نهايتها، لأن هذا هو المقصد الشرعي الذي دلت عليه الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة".(٤٧)
وأتعجب من قول الدكتور "سلام مدكور" حينما قال: "إن شعور الحامل بالهزال والضعف عن تحمل أعباء الحمل لا مجال فيه للقول بمنع الإجهاض في هذه الحالة"(٤٨)، بل أقول: تعتبر هذه ضرورة وهمية إن قلنا بجـواز إجهاضها، قال الدكتور جميل مبارك: "فهذا ليس من الضرورة في شيء".(٤٩)
الحالة الثالثة: إجهاض الأم لجنينها خشية توقف أو نقصان حليب الأم عن الرضيع.
من المبررات التي تلجأ إلهيا بعض النسوة للإجهاض خشيتهن من توقف أو نقصان حليب الأم عن الرضيع أثناء حملها بجنين آخر، مما قد يسبب ضعفاﹰ في بنية الجنين أو خللاﹰ في نموه أو في عقلـه أو عرضـته لـبعض الأمراض، قال الدكتور "مسفر القحطاني": "تجنيب الطفل الرضيع خطر توقف حليب الأم عنه نتيجة حملهـا، أوتغير الحليب عليه قد يحدث له ضعف في النمو أو المناعة أو الذكاء، أو تعرضه لـبعض الأمـراض الوراثيـة المختلفة".(٥٠)
وهذا القول لا يختلف كثيرا عما قاله بعض فقهاء الحنفية قديماﹰ لما ذكروا بعض الأعذار التي تبيح إسـقاط الأجنة، قال ابن وهبان: "إباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر، أو أنها لا تأثم إثم القتل"، وذكر من الأعـذار " أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر - أي المرضع -، ويخاف هلاكـه" (٥١)، وفي الفتاوى الهندية: "امرأة مرضعة ظهر بها حمل وانقطع لبنها وتخاف على ولدها الهلاك، وليس لأبـي هـذا الولد سعة حتى يستأجر الظئر، يباح لها أن تعالج في استنزال الدم ما دام نطفة أو مضغة أو علقة لم يخلـق لـه عضو وخلقه لم يستبين إلا بعد مائة وعشرين يوما ..." (٥٢)، وربما نلتمس لهذه الأقوال من السنة أن النبي صلى اﷲ عليه وسلم قال: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة، فنظرت إلى الروم وفارس، فإذا هم يغيلون أولادهم، فلا يضر أولادهم شيئاﹰ"(٥٣).
والذي يترجح في نظري والعلم عند اﷲ أن الخوف من انقطاع الحليب عن الرضيع ليس سـببا أو عـذراﹰ كافياﹰ للقول بإباحة الإجهاض، وإن اعتبره بعض الفقهاء مبيحاﹰ، وذلك لوجود البديل وهو اللبن الصناعي، والـذي يقوم إلى حد ما مقام لبن الأم، إذ يحتوي على كثير من البروتينات والفيتامينات، قـال د. عبـد اﷲ العجـلان: "أن تحمل المرضع وينقطع لبنها بسبب الحمل وليس لولي الصبي ما يستأجر به المرضع أو يوفر له اللـبن ويخشـى هلاك الصبي، ويخبره طبيب مسلم ثقة صادق أنها إن أجهضت عاد لبنها، فهنا ترتكب الضـرر الأخـفﹼ دفعـاﹰ للضرر الأعظم وهو موت ولدها، ولكن هذه الصورة غير موجودة اليوم، لوجود الألبان الصناعية التي تقوم مقام لبن الأم"(٥٤)، أما حديث النبي صلى اﷲ عليه وسلم فإنه لا يدلّ على نهيه عن الغيلة، وهي مجامعة الرجل امرأتـه وهي مرضع، بل أنه هم أن ينهى عن ذلك ولكنه لما رأى الروم والفرس يغيلون ولا يضر أولادهم ذلك، فلم ينهى عنه، قال النووي: وفي الحديث جواز الغيلة، فإنه صلى اﷲ عليه وسلم لم ينه عنها، وبين سبب تـرك النهـي..." .(٥٥)
الحالة الرابعة: إجهاض الجنين خشية الخوف والافتقار من كثرة الأولاد.
يلجأ بعض النساء إلى عملية الإجهاض خوفاﹰ من الافتقار، وكأننا في جاهلية جديدة، ووأد جديـد بصـورة جديدة قبل أن يخرج المولود إلى الحياة، قال تعالى:
(إنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ ويَقْدِرُ إنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) ولا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وإيَّاكُمْ إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) [الإسراء: ٣٠-٣١].
قال الشيخ إبراهيم القطان: " كان في الجاهلية إذا كثر أولاد الإنسان وخاف الفقر، يقتل من شاء منهم، وهذا جرم كبير، رفضه الإسلام وحذر منه القرآن وحرمه".(٥٦)
وأما كثرة الأولاد فقد حث النبي صلى اﷲ عليه وسلم أمته في قوله: "تزوجوا الودود الولود إنـي مكـاثر الأنبياء يوم القيامة"(٥٧)، وقد تكفل المولى جلّ وعلا بالرزق والجنين في بطن أمه، كما في الحديث الصحيح: "...
ثم يبعث اﷲ ملكاﹰ فيؤمر بأربع: رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد".(٥٨)
وبعد التأمل والاستقراء إلى هذه الدواعي والمبررات أرى أن هذه الصورة بعيدة كلّ البعد عن الصواب في إباحة الإجهاض، وأن الإنسان إن وجد في بعض الأحيان من الشدة والتعب والضيق فمن الممكن أن يلجـأ إلـى العزل المؤقت كما كان يفعله بعض الصحابة، فقد روى جابر - رضي اﷲ عنهما - قال: " ﹼكنا نعزل على عهد رسول اﷲ ﹼصلى اﷲ وعليه وسلم والقرآن ينزل"(٥٩)، وفي رواية أخرى عنه: " ﹼكنا نعزل علـى عهـد رسـول اﷲﹼصلى اﷲ عليه وسلم، فبلغ ذلك نبي اﷲ صلى اﷲ عليه وسلم فلم ينهنا".(٦٠)
أقول : إن الإجهاض مهما كانت مبرراته ومسوغاته – آنفة الذكر – لا تعتبر من الأعذار الشرعية المبيحة له في أي طور من أطوار تخلق الجنين ما لم تكن هناك ضرورة، وقد أكد مجمع البحوث الإسلامية في القـاهرة "إن الإجهاض بقصد تحديد النسل أو استعمال الوسائل التي تؤدي إلى العقم لهذا الغرض أمر لا يجوز ممارسـته شرعاﹰ للزوجين أو لغيرهم"(٦١) وكذلك أيده المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.(٦٢)
الحالة الخامسة: إجهاض الجنين المشوه.
ظهرت في عصرنا الراهن العديد من الأمراض التي تؤدي إلى إصابة الأجنة بالتشوهات الخلقية، ويمكـن أن نجمل أسباب تلك التشوهات في الآتي:
١ـ أسباب بيئية: وتعتبر هذه الأسباب من أقوى العوامل البيئية المؤثرة على الأجنَّة، وتكمن في الآتي:
  1.              الأشعة: إن تعرضت المرأة الحامل لأنواع من الأشعة التشخيصية لـبعض الأمـراض ولا سـيما فـي المراحل الأولى للحمل، فإنها تؤدي إلى طفرات في المورثات، مما يؤدي إلى خلل في الصبغيات، حيـث يؤول الأمر إلى تشوهات خلقية في بنية الجنين، وتختلف الإصابة من جنين لآخر، وذلك يرجع إلى كميـة الأشعة التي تعرضت لها الحامل ومدة الحمل، ولكن كلَّ ما كانت كمية الأشعة قليلة ومدتها كذلك، فإن تأثير ذلك على الأجَّنة يكون يسيراﹰ وليس سيئا، ولهذا ينبغي للمرأة الحامل أن لا تتعرض لمختلف الأشعة السينية أو أشعة "جاما" أو المواد المشعة، إلا لضرورة ملِّحة، ويستحسن أن يكون بعد الشهر الخامس من الحمـل. (٦٣)
  2.              الأمراض المعدية: تتعرض المرأة الحامل كغيرها إلى العديد مـن الأمـراض المعديـة عـن طريـق الميكروبات والطفيليات والفيروسات والبكتيريا، التي تصل إلى الجنين فتسبب له جملـة مـن التشـوهات الخلقية، ومن أهم هذه الفيروسات(٦٤) هي:
١" فيروس الحصبة الألمانية.
٢" فيروس الهربس.
٣" فيروس تضخم الخلايا.
  1.              الأدوية والمواد المخدرة: تختلف الأدوية التي تتناولها المرأة الحامل باستشـارة الطبيـب المعـالج أو دونه، والأصل أن هذه الأدوية علاجية، ولكنها قد تؤثر تأثيراﹰ سلبياﹰ على الأجنَّة، فتسبب بعض التشـوهات إذا تناولتها المرأة الحامل دون استشارة الأطباء المختصين، ومن أخطر تلك الأدوية التي تتناولها المـرأة الحامل لتسكين الآلام والصداع عقار "التاليدوميد"، وقد سبب لمتناوليه من النساء الحوامل تشوهات خطيرة بالأجنَّة مثل: قصر الأطراف واختفاؤها، وقد تم تسجيل جملة من حالات الأطفال المشوهين". (٦٥) وأما المواد المخدرة مثل: الحشيش والأفيون والهروين والخمور والتبغ ونحوها من المواد المخدرة، تعمل على إصابة الأجنة بتشوهات نتيجة تناول الحوامل لها. (٦٦)
  2.              وهناك عوامل أخرى قد تسبب تشوهات خلقية مثل: الضرب الشديد على بطن الحامل، أو إدخال مواد أو أعواد ملتوية أو إبرة معقوفة إلى عنق الرحم؛ فينفجر كيس الجنين، وبدوره يؤدي إلى التشوه. (٦٧) ولا يقتصر أسباب تشوه الأجنة بالأسباب البيئية فقط، ولكن هناك الأسباب الوراثية لها دور كبير جدﹰا فـي إصابة الأجنَّة بالعديد من التشوهات الخلقية، ولا سيما زواج الأقارب، وعلاقته ببعض الأمراض الوراثية، ولـيس هذا محلّ تفصيل ذلك. (٦٨)
وأما حكم إجهاض الأجنة المشوهة فقد وجدتﹸ من خلال التتبع والاستقراء لكـلام الأطبـاء أن إجهاضـها يختلف من حالة إلى أخرى تبعاﹰ لدرجة التشوه فيها، ولذلك رأيت من المناسب أن أقسـم التشـوه إلـى مـرتبتين هما(٦٩):
المرتبة الأولى: التشوهات الخلقية البسيطة الممكن معالجته:
وهو أن يكون مقدار التشوه خفيفا ويمكن علاجه، أو أن تكون الأجنَّة المعيبة بسبب من الأسباب البيئيـة أو الوراثية أو غيرها، فلا يسلم بالإجهاض في عصر التقدم التكنولوجي في مجال تشخيص الأمـراض وعلاجهـا، وذلك لتعدد المواد العلاجية للغرض العلاجي الواحد، والاختلاف في أساليب العلاج وغير ذلك مـن العلاجـات الطبية والجراحية، حتى لو استمرت هذه العيوب بعد أنواع من العلاجات فلا حرج في استمرار الجنين ونمـوه، وذلك أن العيوب التي تتلاءم مع الحياة العادية لا تعتبر عذراﹰ مبيحاﹰ للإجهاض، لأنه لاخطورة على الجنـين ولا على أمه، مثل أن يولد الجنين أعمى أو أصم أو أبكم، قال القرضاوي: "... أنه ليس مـن التشـويه المعتبـر أن يصاب الجنين بعد ولادته بمثل العمى، أو الصمم، أو البكم، فهذه عاهات عرفها النـاس طـوال حيـاة البشـرية وعاشوا بها، ولم تمنعهم من المشاركة ﹼفيتحمل أعباؤها، وعرف الناس عباقرة من ذوي العاهات ما زالت أسماؤهم حاضرة في ذاكرة التاريخ. (٧٠)
ولذلك أرى حرمة إجهاض الأجنة للتشوهات الخلقية البسيطة الممكن علاجها في الأيام الأولى للحمـل أو بعد نفخ الروح في الجنين، إلا إذا كان في بقاء الجنين يؤدي إلى وفاة الأم يقينا وليس وهماﹰ، وممن ذهـب إلـى عدم جواز الإجهاض للتشوه جملة من العلماء والباحثين المعاصرين، من أمثال:
  1.             د. "عارف علي عارف" حيث قال: "أن الجنين هو آدمي انعقدت آدميته واكتسب هويته الإنسانية ...، والجنين قبل نفخ الروح مخلوق فيه قابلية أن يصبح آدمياﹰ كاملاﹰ، وأنه أصل كالآدمي، فلا يجوز الاعتداء عليه، كالمحرم لا يحلّ له أن يكسر بيض الصيد، لأن البيض أصل للصيد، فكذلك لا يحلّ إتلاف أصل الآدمي....، لذلك فالاعتـداء على الجنين المشوه هو اعتداء على موجود حي، وأما نفخ الروح فأمره وعلمه عند اﷲ، لذا لا يصح الربط بـين الإجهاض ونفخ الروح، فقتل الجنين في هذه الحالة من باب قتل الرحمة المرفوض شرعاﹰ وقانوناﹰ، ثم إن الجنـين المشوه صاحب عيب، وهو كائن وسوف يصبح إنساناﹰ، وفي الضعيف أيضاﹰ خير ...، وهذه العيوب والتشـوهات يحتمل ظهور علاج لها تبعاﹰ للتطور العلمي والطبي، فكم من مشكلات الأمس أصبحت من ممكنات اليوم ...، إذاﹰ لنترك هذا الجنين لقدر اﷲ تعالى، ولا يعتدى على حياته، واﷲ تعالى هو واهب الحياة وسالبها، وعلينـا أن نـوفر لهم ما يعينهم على ما ابتلوا به".(٧١)
  2.             د. "مسفر القحطاني": ".. ومن أمثلة هذا النوع من التشوهات: ما يحدث للجنين من خلل في الإنزيمـات، أو خلل في المناعة داخل الجسم، أو عمى الألوان، أو ثقب في القلب، أو نقص في نمو الـدماغ، وبالتـالي يحـدث التخلف العقلي، وحكم الإجهاض لهذا النوع من التشوهات لا يجوز لعدم وجود المبرر أو العذر الشرعي المقتضي للإسقاط، وهو مذهب أكثر الأئمة وحتى الأطباء لا يرضونه، ويعتبرونه جناية على حي سواء كـان قبـل نفـخ الروح أو بعده".(٧٢)
  3.             د. "جاسم علي جاسم" قال: بأن الإجهاض في هذه الحالة اعتراض على إرادة الخالق وحكمته".(٧٣)
  4.             د. "يوسف القرضاوي" (٧٤)،
  5.             ود. "أحمد الشرباصي" (٧٥)،
  6.             د. "سعيد البوطي" (٧٦)،
  7.             ود. "عبد اﷲ البسام"،
  8.             ود. "عبد اﷲ حسين باسلامة" (٧٧) وغيرهم.
المرتبة الثانية: التشوهات الخطيرة جداﹰ، والمتعذر علاجه
إن كان في الأجنة عيوب وراثية خطيرة جدا لا تتلاءم مع الحياة العادية، وتنتقل إلـى الأبنـاء والذريـة كالأجَّنة المشوهة التي تجعل الجنين يعيش حياة سقيمة ومتخلفة، ويكون عبئاﹰ على أسرته ومجتمعـه، ففـي هـذه الحالة أرى جواز إجهاضه قبل نفخ الروح، وذلك دفعا للحرج الشديد، ومنعاﹰ من أن تؤدي هذه الأجنَّـة المشـوهة لتكوين أجيال مريضة، وقد ذكرنا فيما سبق أن من الفقهاء المتقدمين من ذكر أن للمرأة أن تسقط ما في رحمهـا في حالة ما إذا كانت النطفة من زنى، وخافت على نفسها من القتل بظهور الحمل، ومنهم من ذكر أن من الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر – أي المرضع – وما ذكـره فقهاؤنـا المتقدمون من الأعذار كان يتناسب مع معارفهم آنذاك، ومع تقدم العلوم الطبية والاختبار الوراثي أقول: إن ثبـت عن طريق التحلل الوراثي أن في الجنين عيوباﹰ وراثية خطيرة لا يمكن أن تتلاءم مع الحياة العادية وستنتقل إلـى الذرية، فأرى أن يندرج هذا العذر مع الأعذار السابقة الذي ذكرها الفقهاء، وممن ذهب إلـى جـواز الإجهـاض للتشوه:-
(١) د. "علي يوسف المحمدي"، حيث أجاز الإجهاض في هذه الحالة بشروط:
  1. أن يكون قبل الأربعين يوما، أو قبل نفخ الروح.
  2. أن يكون الجنين مشوهاﹰ تشوها كاملاﹰ، وأما مجرد تشوه بسيط كأن يكون أعمى أو أعرج أو نحو ذلـك ... فلا يجوز أبداﹰ إجهاضه لأجل هذا العيب.
  3. أن يصل الأطباء إلى هذه النتيجة من خلال الأجهزة المتطورة بنسبة =100%، ولا أقل من "90%"
  4. أن يكزن هؤلاء الأطباء عدولا وأن لا يقل عددهم عن طبيبين خبيرين (79)
(2) د. "مسفر القحطاني": بعد أن ذكر جملة من أسباب التشوه ... قال: "ففي الغالب - أي في التشوهات الخطيرة
-يسقط الجنين تلقائيا، وإن سقط في الأربعين الأولى كما في حالة الأم إذا أصيبت بالحصبة الألمانية فلا مانع من ذلك لوجود العذر القوى المبيح للإسقاط، فضلا عن أن كثيرا من العلماء قد أجازه "(79)
  1.               الشيخ "جاد الحق" شيخ الأزهر حين قال:" أما الأجنَّة التي ترث عيوبا وراثية من الأب أو مـن الأم للـذكور فقط أو للإناث فقط، فيجوز إسقاطها إذا ثبت َّ أنها عيوب وراثية خطيرة مؤثرة على الحياة ما دام الجنين لـم يكتمل في الرحم مدة مائة وعشرين يوماﹰ"(٨٠).
  2. د. "ماجد حسين النطوشي" وبرر ذلك بقوله: "... يجوز الإجهاض للجنين قبل نفخ الروح فيه إذا ثبـت ثبوتـا قطعياﹰ دون ريب بالوسائل العلمية والتجريبية أن في الجنين عيوباﹰ وراثية خطيرة، لا تتلاءم مع الحياة العادية، وأنها ستسري في سلالة أسرته، أما بعد نفخ الروح فلا تعتبر العيوب التي تكشف بـالجنين مبـررا شـرعياﹰ اللإجهاض، أيا كانت درجة هذه العيوب"(٨١).
  3. وقد جاء في قرارات المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثانية عشرة التي انعقدت بمكة المكرمة في رجـب
"١٤١٠هـ" – فبراير "١٩٩٥م"، ما يلي:
"قبل مرور مائة وعشرين يوما على الحمل، إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية مـن الأطبـاء المختصـين الثقات، وبناء على الفحوص بالأجهزة والوسائل المختبرية أن الجنين المشوه تشويها خطيرا غير قابـل للعـلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده ستكون حياته سيئة، وآلاما عليه وعلى أهله، فعندئذ يجوز إسقاطه بناء على طلـب الوالدين"(٨٢).
وهناك تشوهات خطيرة وممكنة العلاج بصعوبة أو بعناية فائقة، لكني أعرضت عن ذكرها،َّ لأنهـا وكمـا يقول الدكتور "عبداﷲ باسلامة": " ﹼأنها الأقل حدوثاﹰ من الأنواع الأخرى"(٨٣).
الحالة السادسة: إجهاض الجنين بسبب الخوف من فساد الزمان؟
ومثال ذلك/ ١- ما جاء في الفتاوى الخانية في معرض حديثه عن العزل، قال: "في زماننـا يبـاح – أي الإسقاط – لسوء الزمان"(٨٤).
٢- وما جاء في الفتاوى الهندية: "العلاج لإسقاط الولد إذا استبان خلقه كالشعر والظفر ونحوهما لا يجوز، وإن كان غير مستبين الخلق يجوز، وأما في زماننا يجوز على كلّ حال، وعليه الفتوى"(٨٥).
الحالة السابعة: إجهاض الجنين حتى لا يؤدي إلى توليد الحامل بطريقة العملية القيصرية.
هاتان الحالتان - السادسة والسابعة - وأمثالهما مما لا ترتقي حتى تكون عذراﹰ يبيح الإجهاض قد أعرضت عن ذكرها بالتفصيل لعدم أهميتها وجديتها وضعفها كمبرر للإجهاض، كونها عرية عن الأعذار الشرعية فضـلاﹰ عن الضرورية.
وفي الأخير أحب أن أنبه إلى أن هناك حالات أخرى للإجهاض تحتاج لمزيد من البحوث في هذا المجال، مثال:
  1. الجنين الناتج عن الزنى "السفاح".
  2. الجنين الناتج عن الاغتصاب.
  3. الجنين المصابة أمه بالإيدز.
وإن شاء اﷲ، سأفرد لها بحوثاﹰ مستقلة إن أمدنا المولى جلّ وعلا بطول العمر، واﷲ ولـي ذلـك والقـادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد ﷲ رب العالمين.

الخاتمة

الحمد ﷲ الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على البشير النذير وعلى آله وصحبه ومن قام على هديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه دراسة أعددتها بعنوان "الإجهاض، مفهومه، حالاته، أحكامه"، قصدت فيه بيان حالات الإجهاض فـي العرف الطبي وموقف الشريعة الإسلامية من التداعيات التي أثارتها حالات الإجهاض المختلفة، التي شكلت أهـم وأخطر معطيات الواقع المعاصر في السنوات الماضية والمعاصرة، وبتمام الدراسة على هذا الوجـه أرجـو أن أكون قد وﹼفقت فيما قصدت، أو سددت وقاربت، وإلا فحسبي أنني لم آلو جهداﹰ في هذا السـبيل، واﷲ مـن وراء القصد.
وفيما يأتي عرض لأهم النتائج المستخلصة التي يمكن تقريرها في ختام هذه الدراسة المتواضعة:
  1.  تعريف الإجهاض من حيث اللغة والاصطلاح الفقهي والطبي أن له مدلول ومفهوم واحـد، فلـيس بينهمـا اختلاف جوهري، وإن كان مفهومه عند الفقهاء لا يتعدى المعنى ُّ اللغوي، إلا أنهـم يختلفـون مـن حيـث الإطلاق، والأطباء يتفقون مع الفقهاء في تعريفهم للإجهاض وإن اختلفـت عبـاراتهم وألفـاظهم، إلا أنهـم يقصرونه على الذي يكون متعمداﹰ.
  2.  لا يمكن إعطاء حكم عام في حالات إجهاض الجنين، وذلك أن تداعيات كلّ حالة تختلف عن الأخرى وبالتالي تختلف في الحكم الشرعي تبعاﹰ لذلك.
  3.   إذا كانت حياة الأم في خطر محقق من أثر بقاء الحمل ولا منفذ أخر سوى إسقاطه، فإن ترجيح مصلحة الأم أولى من الإبقاء على الجنين سواء قبل نفخ الروح أو بعده.
  4.  إجهاض الجنين من أجل المحافظة على جمال المرأة ورشاقتها، أو خشية توقف حليب الأم عن الرضـيع، أو الخوف من فساد الزمان، أو إفضاء بقاء الجنين إلى توليد المرأة بطريقة العملية القيصرية، فكلّ هذه الحالات وأمثالها لا ترتقي إلى جملة الأعذار الشرعية التي تبيح الإجهاض قبل نفخ الروح في الجنـين، فضلا عـن بعده.
  5.  إن أسباب تشوهات الأجَّنة عديدة، ويمكن أن نجملها في الآتي:
    1.   أسباب بيئية.
    2.  أسباب وراثية.
    3. أسباب تتفاعل فيها عوامل البيئة والوراثة معاﹰ.
    4.  أسباب ميكانيكية.
ومن أقوى الأسباب البيئية تأثيرا على الأجَّنة:
  1.  الأشعة.
  2.  الأمراض المعدية.
  3.  الأدوية والمخدرات.
  4. العوامل الميكانيكية كالضرب على البطن بشدة، أو إدخال مواد أو أعواد ملتوية أو ابر معقوفة إلى عنق الرحم، أو وسائل طبية مما يؤدي إلى أمور لا تحمد عواقبها.
  1.           حكم إجهاض الأجنَّة المشوهة يختلف باختلاف مراتب التشوه في كلّ حالة على حدة، فإن كان التشوه يسـيرا وبسيطاﹰ ويمكن معالجته، فلا يجوز إجهاضه سواء قبل نفخ الروح في الجنين أو بعده، فهذه عاهـات عرفهـا الناس طوال حياتهم وتعايشوا معها، بل وكان من بعضهم عباقرة وعظماء في مختلف ميادين الحياة، وأما إن كانت التشوهات في الأجنة خطيرة جداﹰ ومن الصعب علاجها ومداواتها، فإنه يجوز إجهاضـها قبـل نفـخ الروح، أما بعده فلا يجوز ذلك إلا في حالة الضرورة القصوى.

فهرس هوامش البحث والمصادر والمراجع

* أستاذ مساعد في الفقه والأصول بقسم الدراسات الإسلامية – كلية التربية بجامعة عدن – الجمهورية اليمنية.
  1. إعداد جمعية العلوم الطبية الإسلامية: قضايا طبية معاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية/ دار البشير/ ط١/ ١٤١٥ ه ـ-١٩٩٥ م/ المجلد الأول/ ص١٤٧.
  2. أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد اﷲ بن عمرو/ كتاب الفتن والملاحم/ رقم الحديث (٨٥٨٠)/(٥/٣٦٨)/ دار الفكر/ بيروت – لبنان/ ط١/ ١٤٢١هـ - ٢٠٠١م.
  3. أخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة/ كتاب الفتن والملاحم/ رقم الحديث (٨٦٩٢)/ (٥/٤٠١).
  4. انظر إلى فهرس المصادر والمراجع.
  5. لسان العرب/ دار الفكر/ بيروت/ ط١/ ١٤١٠هـ/ (٧/٩٧)/ مادة: جهض.
  6. دار الملايين/ بيروت/ ط١/ ١٣٧٦هـ - ١٩٥٦م/ (٣/١٠٦٩)/ مادة: جهض.
  7. أحمد بن فارس بن زكريا/ تحقيق: عبدالسلام محمد هارون/ دار الفكر/ (د. ن. ط)/ (١/ ٧٨٩)/ مادة: جهض.
  8. الفيروز آبادي (٥٧٤)/ مادة: جهض/ دار الفكر/ بيروت – لبنان/ ط١/ ١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م.
  9. المصباح المنير/ المكتبة العصرية/ بيروت – لبنان/ ط٢/ ١٣١٨هـ/ ص ٦٣.
  10. المعجم الوسيط/ دار الفكر/ القاهرة/ (د. ن. ط)/ (١٤٣٦١).
  11. ص ٧١.
  12. لابن عابدين/ تحقيق وتخريج وتعليق: محمد حلاق، وعامر حسين/ دار إحياء التراث العربي/ لبنان/ ط١/ (١٤١٩ هـ - ١٩٩٨م)/ .(٢٥٢/٤)
  13. المصدر السابق.
  14. دامادا فندي/ دار الطباعة المعاصرة/ ١٣٢٨هـ/ (٢/٦٥٠).
  15. الكاساني/ دار الكتب العلمية/ لبنان/ ط٢/ ١٤٠٦هـ - ١٩٨٦م/ (٧/٣٢٥).
  16. .(٢٥٢/٤)
  17. حاشية ابن عابدين (١٠/٢٠٣).
  18. المصدر السابق (١/٤٣٤).
  19. للباجي/ دار الكتب العلمية/ بيروت/ ط١/ ١٣٣٢هـ/ (٧/٨٠).
  20. مالك بن أنس/ رواية سحنون عن عبدالرحمن بن القاسم/ دار الفكر/ (د. ن. ط)/ (٦/٤٠).
  21. شرح الخرشي على مختصر خليل/ مطبعة السعادة/ مصر/ ط١/ ١٣٢٩هـ/ (٣/٢٢٥).
  22. ينظر بداية المجتهد ونهاية المقتصد/ كتاب الديات في النفوس/ دار الفكر/ بيروت – لبنان/ ١٤٢١هـ - ٢٠٠١م/ (٢/٣٤٠).
  23. للشافعي/ دار المعرفة/ لبنان/ (د. ن. ط)/ (٦/١١٠).
  24. المصدر السابق (٦/١١٠).
  25. إحياء علوم الدين/ دار المعرفة/ بيروت – لبنان/ (٢/٥١).
  26. حاشيتا قليوبي وعميرة، على شرح المحلى على منهاج الطالبين للنووي/ مطبعة بن نبهان/ سور آيا – إندونيسيا/ ط٤/ ١٣٩٩ هـ - ١٩٧٤م/ (٤/١٦٠).
  1. لابن قدامة/ دار الحديث/ القاهرة/ ١٤٢٥هـ - ٢٠٠٤م/ (د. ط)/ (١١/٥١٥).
  2. الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل/ تصحيح وتعليق: عبد اللطيف محمد السبكي/ دار المعرفة/ لبنان/ (د. ن. ط)/ (٤/٢١٠).
  3. كشاف القناع/ راجعه وعلق عليه الشيخ هلال مصيلحي/ عالم الكتب/ ١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م/ (٦/٣٠).
  4. /ط٢/ ١٤٠٤هـ - ١٩٨٣م/ (٢/٥٦).
  5. دار أسامة/ الأردن/ ط١/ ٢٠٠٢م/ ص١٢١.
  6. ص١٢٤/ ط١/ ١٤٠٠هـ - ١٩٨٠م/ مادة: جهض، وص٣١٤/ مادة: سقط.
  7. الحمل والولادة والعقم عند الجنسين/ دار المعرفة/ بيروت/ ط١/ ١٩٧٤م/ ص١٦٣.
  8. / دار النفائس/ ط١/ ١٤٢٠هـ - ٢٠٠٠م/ ص٤٢.
  9. .(١٣٦/٣)
  10. ابن نجيم الحنفي/ دار المعرفة/ بيروت – لبنان/ ط٢/ (٨/٢٣٣).
  11. قاضيخان محمود الأوزجندي، (٣/٤١٠) على هامش الفتاوى الهندية.
  12. الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند/ المكتبة الإسلامية/ محمد زاد مير ديار بكر/ تركيا/ ط٢/ المطبعة الأميرية/ مصر/ ١٣١٠ هـ/ .(٣٦٠/٥)
  13. عز الدين بن عبدالسلام/ قواعد الأحكام/ دار الجيل/ بيروت/ ط٢/ ١٤٠٠هـ - ١٩٨٠م/ (١/٩٣).
  14. الفتاوى/ دار الشروق/ ط١٢/ ١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م/ ص٢٨٩.
  15. الولايات الخاصة ونفقة الأولاد والأقارب في الشريعة الإسلامية/ مكتبة الصفا/ القاهرة/ ط١/ ١٤٢٠هـ - ١٩٩٢م/ ص ٥٣.
  16. أخرجه الترمذي في سننه عن عمر بن الخطاب/ كتاب الديات/ باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه يقاد فيه أم لا؟/ رقم الحديث ١٤٠٠/ ص ٣٣١، قال عنه الألباني في تعليقه على سنن الترمذي أنه حديث صحيح/ مكتبة المعارف/ الرياض/ ط١ مع متعلقات الالباني/ (د. ن).
  17. الزرقا: شرح القواعد الفقهية/ قدّم له نجله: مصطفى الزرقاء، وعبدالفتاح أبو غدة/ راجعه وصححه د. عبدالستار أبو غدة/ دار الغرب الاسلامي/ ط١/ ١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م/ ص١٤٧، محمد ياسين الفاداني: الفوائد الجنية حاشية المواهب السنية/ اعتنى بطبعه: رمزي سعد الدين الدمشقية/ دار البشائر/ ط٢/ ١٤١٧هـ - ١٩٩٦م/ ص٢٧٩، علي حيدر: درر الحكام/ (١/٣٧)/ مادة (٢٨).
  18. د. عبد الكريم زيدان: الوجيز في شرع القواعد الفقهية في الشريعة الإسلامية/ مؤسسة الرسالة/ بيروت – لبنان/ ط١/ ١٤١٨ هـ - ١٩٩٧م/ ص ٩٨، ود. صالح بن غانم السدلان: القواعد الفقهية الكبرى وما تفرع عنها/ دار بلنسية/ ١٤١٧هـ/ ص٥٢٧.
  1. علي أحمد الندوي: القواعد الفقهية/ قدمه: مصطفى الزرقا/ دار القلم/ دمشق/ ط٥/ ١٤٢٠هـ - ٢٠٠٠م/ ص٢١٣.
  2. الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام/المجلد الثاني/دار الكتب العلمية/ بيروت– لبنان/ ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣م/ (٣ / ٢٤٠)، (٣/٣٩٤)، والغزالي: المستصفى من علم الأصول/ دراسة وتحقيق: د. حمزة حافظ/ شركة المدينة المنورة–جدة/ (٢/٤٨٢ )،والشاطبي: الموافقات/ اعتنى بالطبعة وخرج أحاديثها: إبراهيم رمضان/ط٣/١٤١٧هـ-١٩٩٧م/ (٣/٩).
  3. من مداولات اللجنة الطبية حول موضوع الإجهاض/ ضمن كتاب قضايا طبية معاصرة/ المجلد الأول/ ص٢٤٧-٢٤٨.
  4. الجنين والأحكام المتعلقة به في الفقه الاسلامي/دار النهضة العربية/ القاهرة/ ١٩٦٩م/ ص٣١٠.
  5. نظرية الضرورة الشرعية حدودها وضوابطها/ دار الوفاء/ المنصورة/ ١٩٨٨م/ ص٤٢٨-٤٢٩.
  6.       إجهاض الجنين المشوه، وحكمه في الشريعة الإسلامية/ ضمن مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية/ الكويت/ العدد ٥٤/ رجب ١٤٢٤هـ - سبتمبر ٢٠٠٣م/ ص١٨٨.
  7. رد المحتار/ (٤/٢٥٢).
  8. .(٤١٠/٣)
  9. أخرجه مسلم في صحيحه عن جذامة بنت وهب/ كتاب النكاح/ باب جواز الغيلة / رقم الحديث ٣٥٦٥/ص٥٢٨/ المكتبة العصرية/ صيدا – بيروت/ ط٢/ ١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م.
  1. حكم الجناية على الجنين (الإجهاض)/ضمن مجلة البحوث الإسلامية/ الرياض/ العدد ٦٣/ ١٤٢٢هـ - ٢٠١١م/ ص٢٧٥.
  2. شرح صحيح مسلم/ ١٠/١٦ / دار الخير/ دمشق – بيروت/ ط٣/ ١٤١٦هـ - ١٩٩٦م/.
  3. الإنجاب في ضوء الإسلام/ ضمن ندوة الإنجاب/ مطبوعات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية/ من ١١ شعبان ١٤٠٣ هـ - الموافق ٢٤ مايو ١٩٨٣م/ ص٣٦٩.
  4. أخرجه أبو داود في سننه عن معقل بن يسار/ كتاب النكاح/ باب النهي عن تزويج .../ رقم الحديث ٢٠٥٠/ ص٣١٢٩/ مكتبة المعارف/ الرياض/ ط١.


    1. أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد اﷲ بن مسعود/ كتاب بدء الخلق/ باب ذكر الملائكة/ رقم الحديث ٣٢٠٨/ ص٥٦٦/ راجعه وضبط فهرسه: محمد علي القطب، وهشام البخاري/ المكتبة العصرية/ صيدا – بيروت/ ط١/ ١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م، ومسلم في صحيحه/ كتاب القدر/ باب كيفية ... / رقم الحديث (٦٧٢٣)/ ص٩١.
    2. أخرجه البخاري في صحيحه/ كتاب النكاح/ باب العزل / رقم الحديث (٥٢٠٨)/ ص٩٥٧.
    3. أخرجه مسلم في صحيحه/ كتاب النكاح، باب حكم العزل/ رقم الحديث (٣٥٦١)/ ص٥٢٥.
    4. هذا القرار جاء في انعقاد المؤتمر الثاني في مُحّرم عام١٣٨٥هـ لمجمع البحوث الإسلامية.
    5. انظر: دورة المجمع في مؤتمره الخامس في الكويت في الفترة من (١-٦) جمادى الأولى ١٤٠٩هـ.
    6. د. علي محمد البار: الجنين المشوه، أسبابه وتشخيصه وأحكامه/ ضمن مجلة المجمع الفقهي الإسلامي/ العدد ٤/ ١٩٨٩م/ ص٢٨٨، مع بحث د. ابن الخوجة: عصمة دم الجنين المشوه/ في نفس المجلة/ ص٢٧٣/ بتصرف يسير.
    7. انظر المرجع السابق/ ص٣١٩-٣٢١.
    8. لمزيد من التفاصيل يراجع: الوراثة والإنسان/ ضمن مجلة سلسلة عالم المعرفة/ العدد ١٠٠/ رجب ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦م/ ص١٠٧ وما بعدها، وكتاب: الحمل والولادة والعقم عند الجنسين/ ص٣٧              ،وكتاب الخمر بين الطب والفقه / دار الشروق للنشر والتوزيع/(د. ن. ط)/ ص٢٩.
    9. لمزيد من التفاصيل يراجع: د. غنية النحلاوي: التأثير الخطير للخمر على الجنين والطفل/ بحث نشر ضمن مجلة الوعي الإسلامي، العدد (٤٠٧) / ١٤٢٠هـ-١٩٩٩م/ ص٧٢-٧٣، وكتاب الخمر بين الطب والفقه/ ص٥٠.
    10. د. البار: الجنين المشوه/ ص٣٦٩.
    11. د. البار: الطبيب أدبه وفقهه / دار القلم –دمشق/ الدار الشامية – بيروت/ ط٢/ ١٤١٨ هـ - ١٩٩٧م/ ص٣١٣، والجنين المشوه/ص٣٨٤.
    12. هناك من يقسمها إلى ثلاث مراتب/ د. مسفر القحطاني: إجهاض الجنين المشوه.../ ضمن مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية/ ص١٩٩-٢٠١.

    إرسال تعليق

    0 تعليقات